تعيش اليمن في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تلعب جماعة الحوثيين دوراً كبيراً في تفاقم معاناة الشعب اليمني، وبالأخص الشباب. هؤلاء الشباب الذين يمثلون عماد المستقبل باتوا يعيشون في ظروف قاسية فأصبحوا وقود حرب يتم الزج بهم في جبهات القتال، محرومين من فرص التعليم والعمل والحياة الكريمة. في هذا المقال، سنستعرض كيف ساهمت ممارسات الحوثيين في تدمير البلاد، قطع الطرق، تجويع الشعب، وقمع اليمنيين، وكيف أنني شخصياً عانيت من هذه الظروف.
تدمير البنية التحتية والتعليم
منذ سيطرة الحوثيين على أجزاء كبيرة من اليمن، شهدت البلاد دماراً واسعاً في بنيتها التحتية. المدارس، الجامعات، والمراكز التعليمية كانت من بين الأهداف التي تعرضت للتدمير أو الإغلاق. هذا التدمير لم يحرم الشباب من حقهم في التعليم فحسب، بل جعل من الصعب عليهم بناء مستقبل مشرق. الكثير من الشباب اضطروا للانضمام إلى سوق العمل في سن مبكرة أو المشاركة في النزاع كوسيلة للبقاء. على المستوى الشخصي، تأثرت حياتي التعليمية بشكل كبير، حيث تم فصلي من مدرستي الثانويه في العام 2017 وأُجبرت على ترك التعليم، مما أثر على تحصيلي الأكاديمي واستقراري النفسي.
قطع الطرق والمواصلات
السيطرة الحوثية على العديد من الطرق الرئيسية في اليمن جعلت من التنقل داخل البلاد مغامرة محفوفة بالمخاطر. قطع الطرق وإقامة الحواجز العسكرية جعل من الصعب على الشباب الوصول إلى أماكن العمل أو الجامعات أو حتى البحث عن فرص جديدة. هذه القيود على الحركة أدت إلى عزلة العديد من المناطق وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. بالنسبة لي، كنت اسكن في حي يكثر فيه عناصر الحوثيين وحين اغادر منزلي للذهاب إلى مكان ما يبداء القلق والخوف يتملكني لأني اخشى ان اعود إلى منزلي متأخرًا فيتم توقيفي في احد النقاط الأمنية التابعة للحوثيين وتفتيش هاتفي، وكنت احتفظ بمقالاتي وآرائي السياسيه في هاتفي. اخفي في هاتفي نشاطي السياسي الذي كان يعتبر هو المتنفس الوحيد لي للتعبير عما اراءه من عنف وجهل وقمع ضد الشعب اليمني لكنه قد يفقدني حياتي او احتجز إلى آجل غير مسمى لكن هذا لم يثنيني عن التعبير والكتابه ضد سياستهم الظالمه التي لا تعرف ماهي الانسانية او أدنى معايير الانسانية حتى.
تجويع الشعب
تسبب الحوثيون في أزمة إنسانية خانقة بسبب سياساتهم الحربية والحصار الذي يفرضونه على المدن. منع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى العديد من المناطق أدى إلى انتشار الجوع وسوء التغذية بين السكان. العديد من العائلات اليمنية تجد صعوبة في تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، مما ينعكس سلباً على صحتهم ومستقبلهم.
قمع الأصوات الحرة والمعارضة
منذ بداية سيطرتهم، استخدم الحوثيون القوة والعنف لقمع أي صوت معارض. الشباب، الذين غالباً ما يكونون في طليعة المطالبين بالتغيير والإصلاح، كانوا من بين أكثر المتضررين من هذا القمع. العديد من الناشطين والصحفيين الشباب تعرضوا للاعتقال التعسفي، التعذيب، وأحياناً الإعدام. هذا القمع المنهجي لم يترك مجالاً للتعبير الحر أو العمل السياسي، مما دفع العديد من الشباب إلى الهجرة أو العزوف عن المشاركة في الشأن العام. كنت أحد هؤلاء الذين تعرضوا لمضايقات وتهديدات بسبب مشاركتي في الأنشطة الطلابية التي تنادي بالسلام والحرية، مما أجبرني على التوقف عن نشاطاتي خوفاً على حياتي وحياة أسرتي.
التجنيد القسري للشباب
لم تقتصر معاناة الشباب على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل امتدت لتشمل التجنيد القسري. الحوثيون يجندون الشباب والأطفال بشكل قسري للقتال في صفوفهم. هؤلاء الشباب يتم استخدامهم كوقود للحرب، محرومين من حقهم في الحياة الآمنة والتعليم والتنمية الشخصية. التجنيد القسري لا يؤدي فقط إلى فقدان الأرواح، بل يخلق جيلاً كاملاً يعاني من صدمات نفسية واجتماعية. شخصياً، فقدت العديد من أصدقائي وزملائي الذين أُجبروا على الانضمام للقتال، وكنت أعيش دائماً في خوف من أن يأتي دوري.
الانهيار الاقتصادي وانعدام فرص العمل
السياسات الحوثية أدت إلى تدهور الاقتصاد اليمني بشكل غير مسبوق. التضخم، انهيار العملة، وارتفاع معدلات البطالة جعلت من الصعب على الشباب العثور على فرص عمل. الكثير منهم اضطر للجوء إلى أعمال غير مستقرة أو الانضمام إلى صفوف الحوثيين كوسيلة للبقاء. هذا الوضع أدى إلى تزايد حالات الفقر واليأس بين الشباب، مما يشكل تهديداً لمستقبل اليمن.
الحلول الممكنة والمستقبل
لمواجهة هذه التحديات، يجب على المجتمع الدولي التدخل بشكل أكثر فعالية لدعم الشعب اليمني. تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، دعم الجهود الرامية لإعادة بناء البنية التحتية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للشباب يمكن أن يسهم في تخفيف معاناتهم. كما يجب العمل على إيجاد حل سياسي ينهي النزاع ويعيد لليمن استقراره، مما سيفتح المجال أمام الشباب لبناء مستقبلهم والمساهمة في إعادة بناء بلادهم.
معاناة الشباب اليمني تحت حكم الحوثيين تعد واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية التي يشهدها العالم اليوم. تدمير البنية التحتية، قطع الطرق، تجويع الشعب، قمع الأصوات الحرة، والتجنيد القسري، كلها عوامل تساهم في زيادة معاناة هذا الجيل وتدمير مستقبل اليمن. من الضروري أن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم هؤلاء الشباب ومنحهم الأمل في مستقبل أفضل، لأنهم يمثلون الأمل الوحيد لإعادة بناء اليمن. تجربتي الشخصية مع الحوثيين تمثل جزءاً صغيراً من معاناة أجيال كاملة في اليمن.